نبذة عن العلاقات الروسية الاسبانية

نبذة عن العلاقات الروسية الاسبانية

27.02.2009 آخر تحديث [19:33]

يبدأ
تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين روسيا واسبانيا منذ عام 1517، حين بعث
كارل الخامس امبراطور الامبراطورية الرومانية المقدسة برسالة رسمية الى
الامير المعظم فاسيلي الثالث والد إيفان الرهيب وأحاطه علما
بانه قد تولى العرش الاسباني وعرض عليه تطوير وتعزيز العلاقات الطيبة بين
البلدين. وفي عام 1523وردت رسالة جوابية الى اسبانيا بعث بها فاسيلي
الثالث الذي قبل عرض الامبراطور كارل. اما ياكوف بولوشكين الذي أوصل تلك
الرسالة الى مقر الامبراطورفأصبح اول مبعوث دبلوماسي روسي زار اسبانيا.
ولم تتتسم علاقات روسيا
مع الدول الاخرى في القرنين الخامس عشر والسادس عشر طابعا دائما ، اذ
ان البعثات الدبولماسية كانت توجه الى اي بلاط اجنبي مخولة بمهام
محددة وويرجع الدبلوماسيون الى موسكو بعد تنفيذ هذه المهام . وقد شهد
تاريخ العلاقات الروسية الاسبانية 3 بعثات كهذه.

وثمة سبب آخر
لانعدام النشاط الدبلوماسي الروسي في الاتجاه الاسباني. والجدير بالذكر ان
سلالة واحدة كانت تحكم أسبانيا والنمسا حتى أوخر القرن السابع عشر. فلذلك
كان السفراء الروس يتفقون على المسائل المتعلقة بأسبانيا في مدينة فيينا
القريبة نسبيا من روسيا دون ان يعرضوا انفسهم لمخاطر رحلة طويلة ومجهدة
الى بلد بعيد.

وتغيرت الاوضاع في القرن الثامن عشر حين توطدت اركان دولة بطرس الاكبر الروسية، وصارت
من عام الى آخر تبرز بثقة بصفتها عاملا مؤثرا في السياسة الدولية.
وأدت عملية تحديث كافة اوجه الحياة الى تنامي النشاط السياسي الخارجي بشكل
لا مثيل له ، الامر الذي تطلب اجراء تغيير جذري في طرق عمل السلك
الدبلوماسي الروسي. وفي إطار اصلاح ادارة الدولة حلت هيئة الشؤون الخارجية
محل إدارة السفراء السابقة، وتولت وظيفة المركز التنسيقي لسياسة البلاد
الخارجية، واتخذت ممارسة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والدول الاجنبية
في هذا العهد ألاشكال المألوفة.

و في عام 1717 بدأت المراسلات بين
بطرسبورغ ومدريد في موضوع إقامة العلاقات الدبلوماسية. واتخذ بطرس الاكبر
في عام 1722 قرارا بتوجيه الامير سيرغي غوليتسين الى إسبانيا بصفته اول
ممثل دائم لروسيا لدى بلاط مدريد. واطلقت على وظيفته تسمية "المبعوث فوق
العادة والوزير المفوض". وفي عام 1731 تم استدعاء المبعوث الروسي ايفان
شيرباتوف من اسبانيا الى بطرسبورغ ، تعبيرا
عن عدم رضا الحكومة الروسية عن تحالف الملك الاسباني فيليب الخامس مع
فرنسا وبريطانيا ضد الامبراطور النمساوي كارل السادس الذي كان آنذاك حليفا
لروسيا. وعلى إثر ذلك تم استدعاء المبعوث الاسباني من موسكو. وانقطعت
العلاقات بين البلدين لمدة عدة عقود من السنين بذريعة شكلية هي رفض العاهل
الاسباني ذكر لقب الامبراطور في رسائله الموجهة الى القيصر الروسي .

علما
ان لقب الامبراطور الذي اتخذه بطرس الاول اتسم بأهمية خاصة بالنسبة
للدبلوماسية الروسية ولم يطل مراسم البروتوكول فحسب، إذ انه كان يعكس
التغيرات الهامة التي حدثت في الوضع الدولي للبلاد. وقد دخلت روسيا دائرة
الدول العظمى التي كان يتوقف عليها حل القضايا الاوروبية الهامة . وكانت
بطرسبورغ تعتبر عدم الاعتراف بهذا الوضع بصفته خطوة غير ودية لروسيا مع
كل ما يتمخض عن ذلك من عواقب.

وأعطى تولي الملك كارل الثالث العرش
الاسباني في عام 1759 دفعة جديدة للعلاقات الروسية الاسبانية. وتزوج الملك
الجديد من الاميرة ماريا أماليا ابنة الملك البولندي أغسطس الثالث. وبفضل
وجود العلاقات العائلية اصبح من الممكن حل مسألة الاعتراف بلقب القياصرة
الروس. وكانت روسيا حينذاك من اقوى الدول الاوروبية من الناحية العسكرية
.وغدت ضمانا لوجود السلالة السكسونية في العرش البولندي.

وبعد
مرور 40 سنة انبثقت مشاكل اخرى في العلاقات بين البلدين. فقد وقع
الامبراطور بافل الاول في 15 يوليو/تموز عام 1799 مرسوما يقضي بإعلان
الحرب على اسبانيا. وسبقت اعلان الحرب اتهامات وجهت ضد الحكومة الاسبانية
بشأن انصياع الحكومة الملكية هناك للنظام الثوري الفرنسي "الفوضوي وغير
القانوني" الذي كان يواجهه آنذاك تحالف الملوك والقياصرة الاوروبيين. ونص
المرسوم على مصادرة جميع السفن التجارية الاسبانية المتواجدة في الموانئ
الروسية، كما سمح لقادة الجيوش والاساطيل الروسية بالبدء في شن عمليات
حربية ضد رعايا الملك الاسباني. ولم يكن التوجه الاسباني الموالي لفرنسا
بحد ذاته مبررا لتفاقم العلاقات الثنائية. فثمة أمر آخر لا يقل اهمية
زاد من حدة العلاقات بين البلدين. اذ حدث في يوم 27 اكتوبر/تشرين الاول من
ذلك العام ان اصدر فرسان اخوية مالطا الرهبانية في بطرسبورغ بيانا يعلَن
بموجبه الامبراطور بافل الاول الراعي الاكبر للاخوية الرهبانية، فقبل
بافل الاول هذا اللقب ، ثم اعترفت به جميع الحكومات الاوروبية العلمانية .
الا ان بابا روما بيوسْ السادس الذي كان من صلاحياته المصادقة على المرشح
لنيل لقب راعي الاخوية الرهبانيةالجديد اتخذ موقفا مزدوجا. وكان البابا
يدرك ان بوسع بافل انقاذ الاخوية الرهبانية من الزوال بتوليه لرعايته من
جهة، ولم يستطع العرش المقدس تسليم ادارة هذه الاخوية الكاثوليكية للقيصر
الارثوذكسي من جهة اخرى. وبهذا السبب فان الفاتيكان لم يصادق رسميا على
اللقب الجديد للامبراطور الروسي بل ألمح الى انه يمكن ان يوافق على
وضعه "كأمر واقع". وكانت فرنسا واسبانيا الدولتين الاوروبيتين الوحيدتين
اللتين تخلتا بحزم عن الاعتراف ببافل بصفته الراعي الاكبر لأخوية مالطا
الرهبانية.

وبدأ الوضع السياسي العسكري يتغير في اوروبا بحلول عام
1799 و نسيت بطرسبورغ اسبانيا لفترة ما . وفي خريف عام 1801 فقط تم توقيع
معاهدة السلام بين البلدين والتي وضعت حدا للحرب بينهما.علما انها لم
تنشب اصلا.

وحدث توقف آخر في العلاقات بين البلدين في الفترة ما
بين عام 1833 وعام 1856 ، وذلك بسبب رفض الحكومة الروسية الاعتراف
بشرعية الملكة الصغيرة السن ايزابيلا الثانية التي كانت تحكم البلاد
بوصاية الملكة الارملة ماريا كريستينا.

ومنذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر حتى قيام الثورة في روسيا عام 1917
شهدت العلاقات الروسية الاسبانية تطورا تدريجيا وهادئا. وانتهت هذه
المرحلة في مطلع عام 1918 حين غادرت البعثة الدبلوماسية الاسبانية
بطرسبورغ.

وفي
عام 1931 اصبحت اسبانيا جمهورية ، وأقامت في عام 1933 العلاقات
الدبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي. وبدأت في اسبانيا عام 1936 الحرب
الاهلية نتيجة عصيان الجنرال فرانكو على حكومة الجمهورية الاسبانية. وأيدت
فرانكو ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. اما الشيوعيون الاسبان فتلقوا
المساعدة من الاتحاد السوفيتي. وكان الكثير من العسكريين السوفيت
وبالدرجة الاولى الطيارون يشاركون متنكرين في هذه الحرب وقتل بعضهم في
المعارك. وساهم الاتحاد السوفيتي في إجلاء اطفال للشيوعيين الاسبان الى
الاتحاد السوفيتي.

وفي عام 1939 انهزم اليساريون الاسباني. وفرضت
في البلاد الدكتاتورية العسكرية. ولم يسقط النظام الفاشي الا بعد وفاة
الجنرال فرانكو في عام 1975 وإعلان خوان كارلوس ملكا لاسبانيا..

في
9 فبراير/شباط عام 1977 تمت استعادة العلاقات الدبلوماسية بين مدريد
وموسكو. واعلنت اسبانيا رسميا في 27 ديسمبر/كانون الاول اعترافها بروسيا
الاتحادية كونها وارثة لحقوق الاتحاد السوفيتي. واصبح ايغور ايفانوف وزير
الخارجية الروسي فيما بعد اول سفير لروسيا الجديدة.

ويستمر
الحوار السياسي النشيط بين البلدين. وتنص معاهدة الصداقة والتعاون الموقعة
في عام 1994 على اجراء لقاءات سنوية على ارفع مستوى. وقد زار فلاديمير
بوتين اسبانيا في يونيو/حزيران عام 2000 زيارة رسمية. وفي سبتمبر/
حزيران عام 2001 زار الملك خوان كارلوس موسكو زيارة قصيرة. وفي
فبراير/شباط عام 2000 زار موسكو ولي العهد الاسباني فيليبه امير ستوريا.
ويتم تبادل زيارات وزراء خارجية البلدين بشكل منتظم.

ويتطور التعاون بين الاقاليم والمدن الاسبانية والروسية، وبصورة خاصة بين موسكو ومدريد وبين بطرسبورغ وبرشلونة وبين مقاطعتي موسكو وفالنسيا.
.

متشكر

» نبذة عن القوزاق الروس